ثقافة باغتته يد الارهاب سنة 1994: علولة المسرحي الشهيد..
بقلم منير فلاح
توفي في مثل هذا اليوم 10 مارس من سنة 1994 عبد القادر علولة، كاتب مسرحي جزائري باغتته أيادي الإرهاب وهو بصدد وضع اللمسات الأخيرة لتجربته المسرحية، من خلال نص بعنوان “العملاق” لم يكتب له أن يرى النور.
ولد يوم 8 يوليو 1939 في مدينة الغزوات بولاية تلمسان في غرب الجزائر، ودرس الدراما في فرنسا. وانضم إلى المسرح الوطني الجزائري وساعد على انشائه في عام 1963 بعد الاستقلال.
أعماله عادة كانت بالعامية الجزائرية والعربية منها : «القوَّال» (1980) و«اللثام» (1989) و«الأجواد» (1985)، و«التفاح» (1992) و«أرلوكان خادم السيدين» (1993)، وكان قبل مقتله في يناير 1994 يتهيأ لكتابة مسرحية جديدة بعنوان «العملاق».
اشتهر عبد القادر علولة في توظيف شكل الحلقة في مسرحه غطت على كل التجارب الأخرى، لكونه صرف كل جهوده في الأعوام الخمس عشرة الأخيرة من حياته لبناء مسرح مستلهم من «الحلقة» شكلاً وأداء، بعد أن توصل من خلال الممارسة العملية إلى قناعة شخصية أن القالب المسرحي الأرسطي ليس هو الشكل الملائم الذي يستطيع أن يؤدي به رسالته الاجتماعية، في البيئة التي يتعامل معها، وقدم خلالها خمسة أعمال فنية ثرية.
كان يحبذ مسرح بريشت بعد مزاوجته بالأحاديث العامية، لتقديم عرض مسرحي قريب للتراث. واعتبرالنقاد بأن “ تجربة علولة نابعة من عروضه بالقرى الاشتراكية لمسرحية (المائدة) وكيف ان المتفرجين يشكلون حلقة ويعتمدون على السمع بسبب تعودهم على الڤوال في الأسواق”.
وظف علولة المسرح كأداة لالتزامه النضالي، من خلال اشتغاله على شخصيات بسيطة من وحي المجتمع، وهو ما يفسر التجاوب الكبير الذي لقيته مسرحية “الڤوال” بداية الثمانينيات “المسرح مملوء في كل عرض، كما لقي عرضه بمركّب الحجار بعنابة صدى منقطع النظير وحافظت المسرحية على نفس الإقبال لأكثر من 25 عرضا على التوالي لدرجة حفظ الجمهور لمقاطع من المسرحية عن ظهر قلب لأنها انطلقت من تجارب إنسانية ومن التراث الشعبي”.
ويذكر النقاد في هذا الصدد تجربة علولة مع ثانويات وهران “كان كل يوم اثنين يحضر وفي يده كيسا بلاستيكيا به قبعة لتقديم لوحة من مسرحية أمام الثانويين متبوعة بنقاش”. وثمّنوا مساعدة علولة للشباب الهاوي، من خلال تنقلاته للولايات الداخلية لحضور عروض لفرق هاوية، كما تحول مسرح وهران تحت إدارته إلى ملجأ للعديد من الفنانين والمخرجين من كامل ربوع الجزائر، هروبا من الرقابة والمشاكل البيروقراطية.
وفي يوم 10 مارس من عام 1994، تعرض علولة لاعتداء إرهابي نقل إثره إلى مستشفى “فال دو غراس” بباريس، ولفظ أنفاسه بعد أربعة أيام. وبرحيله، خسرت الجزائر أحد أكبر مسرحييها من الذين أعطوا نفسا جديدا للركح.